"قصة اختفاء الهنود الحمر"
بقلم/يسرى عبد السميع
لا شك أنَّنا جميعًا قد سمعنا وقرأنا؛ بل وشاهدنا أفلامًا عدَّة تناولت قصَّة شعب الهنود الحمر، ولكن مِن المثير دائمًا أنَّنا شاهدنا بالأفلام الأمريكيَّة عنهم أنَّهم كانوا قومًا أشرارًا، وكانوا يتعاملون بوحشيَّةٍ مع الوافدين الأمريكيِّين، ولكنها ليست الحقيقة، فما هي حقيقة الشعب الأحمر؟
نهاية الشعب الأحمر «البداية»:
وصل الهنود الحمر قبل وصول بعثة كريستوفر كولومبوس بأعوامٍ طويلة؛ حيث عبروا المضيق الواقع بين شمال غرب أميركا الشمالية وشمال شرق قارة آسيا، وأقاموا بها وعمَّروها؛ حيث تعلموا الزراعة، واهتمُّوا بالحضارة الروحيَّة، وكرَّموا المرأة، وعندما وصل إليهم كريستوفر كولومبوس في رحلته الشهيرة، ظنَّ أنَّه قد وصل إلى الأراضي الهندية؛ نظرًا إلى لون بشرتهم الأحمر المميَّز، ولكنَّه فوجئ بوجوده على أراضٍ جديدة.
جاء كولومبوس محمًّلًا بأفكار الحروب، وممتلئًا بأفكار السيطرة والاستيلاء والقيادة، بالإضافة إلى وجود شعبٍ منقطعٍ عن العالم، وبعيدًا عن أفكاره وتطلعاته الفكرية، ومسالم جدًّا، بالطبع كانت فكرة الاستيلاء على تلك الأراض محفِّزة للغاية وقوية، خاصَّةً أنَّ المستعمر الأوروبي ليس لديه أيَّة أفكارٍ عن السلام، أو التعايش مع الآخر؛ فالقاعدة الأساسية لديه، هي: «أنا فقط لا غير».
«لا تعايش»، الإبادة هي سبيل المجرمين الوحيد
بدأ الزائر العدو مباشرةً في عمليَّة إبادةٍ جماعيَّةٍ للسكان الأصليين، دون أيَّة رقابةٍ أو مراعاةٍ للحرمة؛ فقتلوا النساء والأطفال والشباب، ودمَّروا الأخضر واليابس، وسمَّموا الآبار، وذبحوا الماشية، وليس هذا بغريبٍ عليهم؛ فهما فعلوه هو ميراث أوروبا الأسود وما اعتادوا عليه على مر العصور، ومع ذلك لم يكن من قادة القبائل الهنديَّة إلَّا أنَّهم طلبوا السلام مع المحتل القادم.
على الرغم من أنَّهم لا يملكون ما يُدافعون به عن أنفسهم وذويهم، فإنَّهم ما كان لديهم سبيل غير ذلك، ولكن أَبَى المعتدي إلَّا أن يتعامل بالطرق الملتوية؛ فقَبِلَ القادة المعتدون السلام مع الهنود الحمر، ولكن كانت تحرِّكهم المكائد، فأقنعوهم بأنَّهم سوف يُمدُّونهم بأغطيةٍ لحمايتهم، كرمزٍ لقبولهم المعاهدة السلميَّة.
إلَّا أنَّهم أعدُّوا لحربٍ جديدةٍ بيولوجيَّة؛ للقضاء على الهنود الحمر تمامًا، فجلبوا لهم أغطيةً من مصحَّات الأوبئة الأوروبِّيَّة، وكلها محمَّلة بالعديد من الأمراض الوبائيَّة المستعصية، مثل: (الطاعون، والدفتيريا، والجدري، وغيرها...)، من أجل حصدهم بأعدادٍ مهولةٍ في وقتٍ قصير.
بالفعل أدَّت تلك الطرق الوحشيَّة لإبادة 80% من الهنود الحمر السكان الأصليِّين لأميركا، ولكن لم تتوقَّف الجرائم الوحشيَّة بحقِّهم لهذا الحدِّ فقط؛ فعرض القادة العسكريُّون على أفراد الجيش مكافآتٍ ماليَّةٍ في مقابل عدد الرؤوس التي يُحضرونها من الهنود الحمر.
وكانت رأس الرجل تُساوي مائة جنيه استرليني، في حين بلغت قيمة رأس المرأة أو الطفل خمسون جنيهًا استرلينيًّا، الأمر الذي حوَّل العسكريِّين إلى وحوشٍ متحرِّكة، فقطعوا الرؤوس وأسالوا المزيد من الدماء.
ثم تطوَّر الأمر بمضاعفة المكفآت الماليَّة في مقابل سلخ الهنود، فكانت تُسلخ فروات الرؤوس في مشاهد وحفلات كبرى، يحضرها علية القوم والزعماء، وأشهر أبطال أميركا الآن هم من قتلوا العديد من الهنود وسلخوهم بوحشيَّةٍ