جريدة أوقات جريدة أوقات

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

لماذا الإنمى؟


 كتب/احمد محمد 

لماذا الإنمي؟


إذا كنت تجلس ذات مرةٍ في إحدى المواصلات أو "مشروع" في الإسكندرية، وثم رأيت شخصًا تخطى حاجز العشرين "طول بعرض" كما يُقال، ورأيته يشاهد شيئًا، فأخذك الفضول لتعرف ماذا يشاهد؛ فوجدته يشاهد رسومًا متحركة أو كارتونًا كما تلقب، ثم سألته: لماذا تشاهد هذه الأشياء الخاصة بالأطفال؟ فوجدت أن عينيه احمرت ثم قال لك: "ناني"، وهي تعني ماذا باليابانية، وارتسمت عليه علامات الشر؛ فأنت أمامك عشر ثواني لتستعيد ذكرياتك السعيدة وتكتب الوصية للورثة "إن كان يوجد ورثة"؛ لأنك وقعت مع ما يدعى بال"أوتاكو"؛ بل أوتاكو متعصب أيضًا، وتلك الكلمات عنده هي أسوأ من أن تسب أمه أمامه، فقد يغفر لك تلك السبة؛ لكن لن يغفر لك أن تقول أن الإنمي للأطفال، "الله يرحمك كنت إنسان طيب وأهبل".

إذًا عزيزي القارئ؛ لقد راودك السؤال التالي: من هم الأوتاكو؟ ولِمَ هو متعصب؟ ولِمَ انزعج عندما قيل أن الكرتون للأطفال؟ ولِمَ نطق باليابانية وهو من كفر صقر؟

أهلًا بك يا عزيزي في رحلةٍ للتعرف على نوع جديد من الأعمال الفنية، وهو "*الإنمي*". 

الإنمي يا عزيزي هو مصطلح يطلع على الرسوم المتحركة اليابانية، وهي مشتقة من كلمة animation الإنجليزية، وكان أول ظهور للإنمي في عام 1917، وكان فيلمًا قصيرًا مدته دقيقتين بعنوان: "الكاتسودو شاشين"، (باليابانية: 活動写真)، والذي يترجم إلى "الصور المتحركة"، ولا تستغرب من الاسم الياباني؛ فلقد أحببت أن أضيفه لسببٍ ما ليس مهمًا ذكره، لكن كان الفيلم يتحدث عن ساموراي يجرب سيفًا جديدًا، ولكن التجربة بائت بالفشل وكانت هذه هي البذرة لولادة الإنمي الذي نعرفه حاليًا.

والإنمي ينتج من قصص مصورة، وتسمى: مانجا في اليابانية، أو مانهوا بالكورية، أو مانها بالصينية، وقد تم إنتاج أول مانجا عام 1798، على يد الكاتب سانتو كيودن، والمانجا هي عبارة عن قصص مصورة بالأبيض والأسود، تعرض أحداث القصة الخاصة بها بطريقة مميزة ومتفردة؛ حيث كل كاتب يعرض قصته الخاصة به بطريقة مختلفة عن الآخرين، أو قد يقتبس منهم كما فعل بعض المؤلفين عندما اتبصوا من مانجا دراغون بول، وأرجوك عزيزي المتابع، ليست هناك حاجة لأن تقول "دراغون بول إنمي للصراخ، وأن ونبيس عمك وناروتو الأعظم دراميًا"، أعرف، أعرف كل هذا، لكن هذه الحقيقة، لكن دعنا نعود لموضوعنا الأساسي، إذًا لِمَ الأنمي؟ ولِمَ هذا الشخص كان متعصبًا لهذه الدرجة؟ ولِمَ تطيل الأحداث إلى هذه الدرجة يا عزيزي؟ وأين المتعة والتشويق إذًا.

الإنمي عمل درامي مثل أي عمل آخر، مثله كمثل باقي الأعمال العالمية، مثل: breaking bad، و game of thrones وتلك الأعمال التي أغلبنا يعرفها، 

وينقسم الإنمي لعدة تصنيفات، مثل: 

الشونين، والسينن، والأكشن، والخيال، والرياضي، والميكا...إلخ، وكل تلك التصنيفات لها روادها، فمثلًا: 

شونين: يركز هذا التصنيف على المراهقين الذكور وتجاربهم، وتشمل الأمثلة الشائعة إنمي: "ناروتو" و"ون بيس" و"بليتش".

اليسنن: يركز هذا التصنيف على البالغين الذكور وتجاربهم، وتشمل الأمثلة الشائعة إنمي: "إنمي قاتل الشياطين"، و"إنمي هجوم العمالقة"، و"إنمي بيرسيرك".

خيال: يركز هذا التصنيف على القصص الخيالية والعناصر السحرية، وتشمل الأمثلة الشائعة إنمي: "ناروتو"، و"ون بيس" و"دراغون بول زد".

والمميز في الإنمي أو الرسوم المتحركة، هي أنها تتيح للمؤلف حرية التأليف، بمعنى أن المؤلف ليس مقيدًا بشيء عندما يكتب القصة الخاصة به التي سيحولها لمانجا؛ كمثال: إن أراد أن يكتب عن أرواح يصطادها بعض البشر، وتلك الأرواح تحمي الأرض من الغرو الفضائي؛ سيكتب القصة والشخصيات ويبني العالم على هذه الفكرة، وسيكون هذا منطقي بالنسبة لك سواء كنت قارئًا أو متفرجًا؛ لأن المؤلف يلتزم بحدود خيالة والعالم الذي بناه؛ لكن إن أردت أن تفعل المثل في مسلسل ما، فأنت ستحاول الالتزام بالحدود البشرية الخاصة بك وكذلك الميزانية المتاحة، أما الإنمي فلا يحتاج تلك الميزانية؛ فإن أغلى حلقة أنتجت الإنمي كان تكلفتها 10مليون دولار أمريكي في عام 2007، وهي الحلقة رقم 25 في إنمي death note؛ ستقول لكن أغلى حلقة تم إنتاجها في التاريخ حاليًا هي الحلقة الأولى من مسلسل The Lord of the Rings: The Rings of Power، والتي كانت 15 مليون دولار أمريكي، أنت محق، لكن هذه الحلقة استثناء؛ لأن المعتاد أن الحلقات لا تكون مكلفة بهذا الشكل. 

وهناك سبب أيضًا في انتشار الإنمي، هو اهتمام الدولة به؛ لأنه يمثل شكلًا كبيرًا من أشكال الدخل، حيث بلغت إيرادات صناعة الإنمي في اليابان 2.74 تريليون ين ياباني (حوالي 22.2 مليار دولار أمريكي) في عام 2021، وهذا رقم ليس بالقليل على الإطلاق؛ لذا تساهم الحكومة في نشرة، وأيضًا خصصت بعض الأماكن لمحبين الإنمي لزيارته، 

أما الأوتاكو فهي مصطلح ياباني يطلق على الأشخاص المهتمين بثقافة البوب اليابانية، وخاصة الإنمي والمانجا وألعاب الفيديو.

يُعتقد أن الكلمة مشتقة من الكلمة اليابانية "お宅" (otaku)، والتي تعني "منزلك" أو "موطنك". وكان يُستخدم هذا المصطلح في الأصل بشكل مهين للإشارة إلى الأشخاص الذين كانوا مهووسين بشيء ما، ولكن تم تبنيه في النهاية من قبل محبي الإنمي والمانجا كمصطلح فخر.

وكما وضحت في التعريف، هم أشخاص مهووسون بالإنمي؛ لأنهم وجدوا فيه عالمهم، حيث أنهم يحبون تلك الأشياء، ولا أخفي عليك سرًا؛ فهي ممتعة أن تسبح بخيالك في تلك الأشياء لهو أمر رائع، وأن تجد تلك الأشياء تناقش مواضيع مهمة وحساسة، وأيضًا تعرضها لك بطريقة رائعة ومؤثرات جيدة؛ فهي تستحق حقًا تلك الضجة، ولكن عزيزي، ألم تلحظ أنك أنت أيضًا وأباك قد شب وكبر وهو يشاهده؟!

 نعم، منذ أيام مازنجر وكابتن ماجد واسترو بوي إلى سلام دانك وهزيم الرعد ودراغون بول على سيبستون، من منا لا يتذكر ذلك اللحن الذي حفظناه عن ظهر قلب وتلك الكلمات التي نحملها في داخلنا، وكنا نشتعل حماسًا عندما يبدأ العظيم طارق العربي طرقان بقول: " ابرقي ارعدي أبطالًا وعدوك أنبل وعد"، و نكرر بعدها بصوت يشبه نباح الكلاب "هزيم الرعد". 

من منا لم يبكِ عندما غفت بائة الكبريت، أو لم يقشعر جسده عندما سمع بعد كل تلك السنين رشا رزق تقول: "قد لمعت عيناه بالعزم انتفضت يمناه"، وأيضًا ناروتو والمحقق كونان الذي يكتشف الغامض، والمثير منذ أكثر من عشرين عامًا نحن لا يمكن أن ننسى تلك الذكريات الجميلة التي نحن لها في الفينة والفينة التي شكلها لنا ذلك الفن المسمى بالإنمي. 

خلاصة القول أن هذه الأعمال صحيح أن أغلبها موجه للمراهقين والأطفال؛ لكن هناك أعمال للكبار وليس هناك حرج أن تستعين بالرسوم المتحركة لتصنع عملًا يخلد في التاريخ، كما حدث في حلقة hero لإنمي هجوم العمالقة التي حصلت على تقييم 10 من 10 على موقع IMDB والتي تحملها الحلقة الأخيرة من مسلسل breaking bad؛ لذا ليست بالمشكلة أن تتابعها، لا تنسى أن تخبرنا يا عزيزي أي إنمي أحببت في طفولتك، وأي إنمي تحبه الآن؟ ولا تنسى أن تدعو لإخوتنا في فلسطين.

بقلم /احمد محمد 

عن الكاتب

بلوجر

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

جريدة أوقات